الشخص يتحدث في اذني

مذكرات زول ساي ـ رأس الشيطانبقلم : فيصل الدابي المحامي - قطرللتواصل : menfaszo1@gmail.comفوجئت بحفرة هائلة الإتساع تسمى رأس الشيطان..خلال عام 1993 وأثناء سكني في البيت المسكون المجاورلنهر النيل بشمال السودان ، نجحت إلى حد كبير في تحصين نفسي بمناعة ذاتية ضد الخوف من الظواهر الغريبة التي كانت تحدث أمامي من وقت لآخر في ذلك المنزل المريب.. فلم أعد أصاب بالرعب عند سماع الأصوات أو الخبطات أو الأضواء المفاجئة التي تصدرأحياناً من اللامكان، ولعلي اعتدت على تلك الظواهر المخيفة فأصبحت أموراً عادية ومتوقعة، كما نجحت إلى حد كبير في تطبيع علاقاتي مع الجن أو الشياطين الذي كانوا يسكنون في البيت المسكون وكأن لسان حالي كان يقوللهم: هذا المنزل كبير جداً وأنا لا احتل سوى غرفة واحدة فلماذا لا تتركوني وشأني وتقيمون حفلاتكم واحتفالاتكم في جميع الغرف الأخرى و بإمكانكم أيضاً القفز والهرولة والتشقلب في حديقة النخل الواسعة التي أحبها حباً جما طوال الليل وحتى الصباح فأنا لا أقوم بزيارتها كل يوم إلا في ساعات العصر؟!ذات خميس عبرت نهر النيل بواسطة زورق بخاري وعند وصولي للبر ركبت سيارة أجرة ووصلت إلى مدينة أرقو حيث مكثت في منزل صديقي العزيز المحامي أبو دفاع لمدة يوم واحد، وأفزعته في الليل بالعديد من حكايات البيت المسكون ، فجأة ، وفي صبيحة يوم الجمعة قررت المغادرة بعد أن شعرت بالشوق الشديد المفاجيء للبيت المسكون رغم علمي بانعدام وسائل المواصلات في ذلك اليوم، لكن لحسن حظي أو لسوء حظي عثرت على سيارة خاصة أوصلتني إلى البر المقابل لجزيرة ارتيقاشا )أي الجزيرة الجميلة باللغة النوبية(، ومن هناك عبرت نهر النيل إلى جزيرة ارتيقاشا بزورق بخاري ثم عبرت الجزيرة مشياً على الأقدام حتى وصلت للبر المقابل لمنطقة دمبو ومن هناك ركبت زورق بخاري بغرض عبور نهر النيل، وعندها تورطت في مغامرة خطيرة فقد كاد الزورق ينقلب عدة مرات بسبب هيجان الأمواج وقوة التيارات النيلية في ذلك الجزء الشرس من النهر .عندما وصلت لمنطقة دمبو لم أجد أي سيارة تقلني إلى منطقة الحفير ، فقررت السفر مشياً على الأقدام في وهج الصيف اللافح، بعد أكثر من ساعتين من المشي السريع في خلاء منطقة العباسية فوجئت بحفرة هائلة شديدة الاتساع ، كانت الساعة حوالي العاشرة صباحاً ، تحركت فيدواخلي غريزة المغامرة فنزلت إلى الحفرة الهائلة بلا تردد ، لكنني ندمت أشد الندم على قراري المتهور بالنزول إلى الحفرة الشاسعة الاتساع قبل أن أعرف طبيعتها الفظيعة، فمع كل خطوة كنت أخطوها كانت أقدامي تغوص عميقاً في الرمال الناعمة الساخنة، بعد ساعة كاملة من التخبط في الرمال الملتهبة شعرت بالخطر الحقيقي فقد جف ريقي وخرج لساني من شدة العطش ثمنظرت خلفي وأمامي فاكتشفت أنني لم أقطع سوى ربع المسافة في اتجاه الجانب الآخر من الحفرة الهائلة الاتساع، عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً وبعد مسيرة ماراثونية سلحفائية في الرمال الناعمة الملتهبة وصلت إلى الجانب الآخر من الحفرة وأنا أتصبب عرقاً وألهث من فرط التعب ومنشدة العطش ..فوجئت بثلاثة بيوت من الطين الأخضر مطلة على الحفرة الرهيبة ، كانت البيوت الثلاثة بلا أبواب ، لمحت فتاة تتحرك داخل أحد البيوت الثلاثة فصرخت بآخر ما تبقى لي من قوة ولحسن الحظ نجحت في جذب انتباه الفتاة فقد حضرت إلى خارج البيت بسرعة ونظرت لي بدهشة ، فقلت لها بآخر ما تبقى لي من صوت : أريد ماء ، دخلتالفتاة إلى البيت المطل على الحفرة الهائلة وأحضرت لي ماء في كوب قديم، كان ذلك الماء أسخن ماء شربته في حياتي إلا أنني شعرت بروحي تعود إلى جسدي عندما شربت آخر قطرة من ذلك الماء الساخن ثم سألت الفتاة قائلاً: ما إسم هذه الحفرة الهائلة التي خرجت منها؟..نظ... قراءة المزيد

تعليقات

المشاركات الشائعة